الدعوة الإسلامية: رسول الله

كان محمد صلى الله عليه وسلم

0 التعليقات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالَمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدِّين … 

أوجب الله سبحانه وتعالى على المؤمنين طاعته والإقتداء بهديه واتِّباع سُنَّته و توقيره ومحبته صلى الله عليه وسلم فوق محبة الآباء والأبناء والأزواج والعشيرة ، والتجارة والأموال ، وأوعد من تخلف عن تحقيق ذلك بالعقاب ، فقال سبحانه وتعالى : { قُلْ إِنْ كَانَ ءابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } [التوبة: 24.[ 

كان محمد صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً وأدباً وأكرمهم و أتقاهم وأنقاهم معاملة . قال عنه ربه عز وجل مادحاً وواصفاً خُلقه الكريم صلى الله عليه وسلم (( وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ )) ]القلم 4 [. 

عن أنس رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا " - متفق عليه. 

وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت : " ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم " - رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن. 

وعن عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ، قالت : ( كان خلقه القرآن) صحيح مسلم. 

عن عطاء رضي الله عنه قال : قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، قال : أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وحرزًا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا لا إله إلا الله ، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا - رواه البخاري 

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكمل الناس شرفاً وألطفهم طبعاً وأعدلهم مزاجاً و أسمحهم صلة وأنداهم يداً , لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات.

محمد وما أدراك من هو محمد..بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم 

- محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم المرسلين وهو سيد الأولين والآخرين : قال صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر) 

- محمد صلى الله عليه وسلم هو نبي الرحمة قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) . 

- محمد صلى الله عليه وسلم أرسل للناس كافة قال تعالى : { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } 
وقال تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } (الأعراف 158) 

- محمد صلى الله عليه وسلم هو صاحب الشفاعة العظمى : 
في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( فيأتوني ، فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ، فأنطلق فآتي تحت العرش ، فأقع ساجداً لربي عز وجل ، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي ، ثم يقال يا محمد ارفع رأسك ، سل تعطى ، واشفع تشفع ) متفق عليه. 

- محمد صلى الله عليه وسلم هو صاحب المقام المحمود : 
قال تعالى: { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } (الإسراء: 79) 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا - جلوسا على الركب - ، كل أمة تتبع نبيها ، يقولون : يا فلان اشفع ، يا فلان اشفع ، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود ) رواه البخاري . 

- محمد صلى الله عليه وسلم هو صاحب لواء الحمد يوم القيامة 
قال صلى الله عليه وسلم : (( وبيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر )) 

- محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من تفتح له أبواب الجنة : 
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( آتى باب الجنة يوم القيامة فاستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ قال : فأقول : محمد. قال : يقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك (رواه مسلم . ) 

- محمد صلى الله عليه وسلم أخبره ربه بأنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال الله تعالى : (إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر و يتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ) الآيتان 1و2من سورة الفتح. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان من أعبد الناس : 
عن عبد الله بن الشخير ـ رضي الله عنه ـ قال : ( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء) رواه أبو داود . 

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ، فقالت عائشة : لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : (أفلا أكون عبداً شكوراً) رواه البخاري. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يحب الذكر : 
قال صلى الله عليه وسلم : (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس) رواه مسلم. 

وقال صلى الله عليه وسلم : (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره ، مثل الحي والميت) رواه البخاري. 

وقال صلى الله عليه وسلم : (ما عمل ابن آدم عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله) أخرجه الطبراني بسندٍ حسن. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس دعاءً ، وكان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول : (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) متفق عليه . 

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل) رواه النسائي . 

- محمد صلى الله عليه وسلم معجزته باقية خالدة ما بقيت السموات و الارضبعكس معجزات الأنبياء السابقين ، ومعجزة سيد الأولين والآخرين وهي القرآن العظيم باقية إلى يوم الدين . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان متواضعا وكان أبعد الناس عن الكبر ، كيف لا وهو الذي يقول صلى الله عليه وسلم : (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله) رواه البخاري. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان شفيقا بمن يخطئ أو من يخالف الحق وكان يُحسن إليه ويعلمه بأحسن أسلوب ، بألطف عبارة وأحسن إشارة ، من ذلك لما جاءه الفتى يستأذنه في الزنا. 

فعن أبي أُمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : إن فتىً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه ، وقالوا: مه مه فقال له: (ادنو) ، فدنا منه قريباً ، قال: (أتحبّه لأمّك؟) قال : لا والله ، جعلني الله فداءك ، قال : (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم) قال ) : أفتحبه لابنتك؟) قال: لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداءك . قال : (ولا الناس جميعاً يحبونه لبناتهم) قال : (أفتحبه لأختك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك . قال : ولا الناس جميعاً يحبونه لأخواتهم). قال: (أفتحبه لعمتك؟) قال: لا والله ، جعلني الله فداءك . قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لعماتهم). قال: (أفتحبه لخالتك؟) قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: (ولا الناس جميعاً يحبونه لخالاتهم) قال: فوضع يده عليه ، وقال : اللهم اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصّن فرجه) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء . رواه أحمد. 

- محمد صلى الله عليه وسلم خير الناس لأهله يصبر عليهم ، ويغض الطرف عن أخطائهم قال عليه الصلاة والسلام: (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) سنن الترمذي . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم 
عن الأسود قال : سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت : ( كان يكون في مهنة أهله ، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة) رواه مسلم والترمذي. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يخصف نعله ، ويخيط ثوبه. 
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم - رواه أحمد. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يمازح أهله ويلاعبهم ويسابقهم.. 
عن عائشة رضي الله عنها قالت " : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن ، فقال للناس : اقدموا فتقدموا ، ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك فسبقته ، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره ، فقال للناس : تقدموا فتقدموا ، ثم قال لي : تعالي أسابقك فسبقني ، فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك " رواه أحمد. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان عادلا يقيم شرع الله تعالى ولو على أقرب الأقربين. 
قال تعالى: (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءِ للّهِ وَلَوْ عَلَىَ أَنْفُسِكُمْ أَو ِالْوَالِدَيْنِ وَ الأقْرَبِينَ) (النساء:135) 
قال عليه الصلاة والسلام في قصة المرأة المخزومية التي سرقت : ( ‏والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد ‏,‏ لقطعت يدها‏)‏. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين نسائه صلى الله عليه وسلم ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرة كما كانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ غيورة. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين ، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع ، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ، كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه( متفق عليه 

- محمد صلى الله عليه وسلم , كان يتفقّد أصحابه ويسأل عنهم ، ويواسيهم ويقدم لهم النصيحة 
في الحديث كان يزور الأنصار، ويُسَلِّم على صبيانهم ، و يمسح رؤوسهم "، حديث صحيح رواه النسائي. 

- محمد صلى الله عليه وسلم يسلم كان يحيى مع أصحابه حياة فطرية عادية ،يشاركهم في ضحكهم ولعبهم ومزاحهم ، كما يشاركهم آلامهم وأحزانهم ومصائبهم. 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا قال : " نعم غير أني لا أقول إلا حقاً 

وجاءت إليه أمرأة عجوز تقول له : ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها : "يا أم فلان ، إن الجنة لا يدخلها عجوز" ! فبكت المرأة حيث أخذت الكلام على ظاهره ، فأفهمها : أنها حين تدخل الجنة لن تدخلها عجوزًا ، بل شابة حسناء. 
وتلا عليها قول الله تعالي في نساء الجنة: (إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارًا. عربًا أترابًا).(الواقعة: 35-37( أخرجه الترمذي 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يجالس أصحابه ويماشيهم وإذا مشى مع أصحابه يمشون بين يديه وهو خلفهم ويقول دعوا ظهري للملائكة . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يماشي أصحابه فرادى وجماعة ومشى في بعض غزواته مرة فدميت أصبعه وسال منها الدم فقال : 
هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت . 

- محمد صلى الله عليه وسلم  كان في السفر ساقه أصحابه يزجي الضعيف ويردفه ويدعو لهم . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يكرم ضيفه ويجالسهم وكان يجلس على الأرض
لما قدم عليه عدي بن حاتم دعاه إلى منزله فألقت إليه الجارية وسادة يجلس عليها فجعلها بينه وبين عدي وجلس صلى الله عليه وسلم على الأرض . 
قال عدي : فعرفت أنه ليس بملك 

- محمد صلى الله عليه وسلم  كان يخفض طرفه 
عن أبي هالة عن الحسن بن علي قال أن النبي عليه الصلاة والسلام كان خافض الطرف (من الخفض ضد الرفع ) فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه)، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، وكان جل نظره الملاحظة (المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة ) 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة خيره الله تعالى بين أن يكون ملكا نبيا أو يكون عبدا نبيا فاختار أن يكون عبدا نبيا. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان ينامُ على الفراش تارة ، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة ، وعلى الأرض تارة ، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ ، وتارة على كِساء أسود‏ 
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مزمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك يا عمر قال : ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال : بلى قال: هو كذلك ) 

- محمد صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله وأعذبهم كلاما وأسرعهم أداء وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح ويشهد له بذلك أعداؤه . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم ؛ تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد ليس بمسرع لا يحفظ ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام بل هديه فيه أكمل الهدي قالت عائشة : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلام فصل لا فضول ولا تقصير وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه وإذا كره الشيء عرف في وجهه ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان جل ضحكه التبسم بل كله التبسم فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه . 
وفي الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تَبَسُّماً، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحل العينين وليس بأكحل "، حسن رواه الترمذي . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس معاملة ، وكان إذا استسلف سلفا قضى خيرا منه . ذكر البزار أنه صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل أربعين صاعا فاحتاج الأنصاري فأتاه فقال صلى الله عليه وسلم : ما جاءنا من شيء بعد فقال الرجل وأراد أن يتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقل إلا خيرا فأنا خير من تسلف فأعطاه أربعين فضلا وأربعين سلفة فأعطاه ثمانين. 

وباعه يهودي بيعا إلى أجل فجاءه قبل الأجل يتقاضاه ثمنه فقال : لم يحل الأجل فقال اليهودي : إنكم لمطل يا بني عبد المطلب فهم به أصحابه فنهاهم فلم يزده ذلك إلا حلما فقال اليهودي : كل شيء منه قد عرفته من علامات النبوة وبقيت واحدة وهي أنه لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما فأردت أن أعرفها فأسلم اليهودي. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يسلم على الأطفال ويداعبهم. عن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم - رواه البخاري واللفظ له ومسلم. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بكاء الصبي يسرع في الصلاة مخافة أن تفتتن أمه. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يحمل ابنة ابنته وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وجاء الحسن والحسين وهما ابنا ابنته وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما حتى و وضعهما بين يديه . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان لطيفا رحيماً فلم يكن فاحشاً ولا متفحشا ولا صخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح. 

عن أنس رضي الله عنه قال : " خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، والله ما قال أف قط ، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" - رواه الشيخان وأبو داود و الترمذي. 

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله متفق عليه. 

- محمد صلى الله عليه وسلم نبي التيسير على أمته وعلى الناس أجمعين. 
عن عائشة رضي الله عنها قالت " ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا ، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم". 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يحب أمته ويدعو على من آذاها : ( اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً ، فشقَّ عليهم ، فاشقُق عليه ، و من ولي من أمر أمتي شيئاً ، فرفق بهم ، فارفق به ) 

- محمد صلى الله عليه وسلم عندما قيل له ادع على المشركين قال صلى الله عليه وسلم " إني لم أبعث لعانًا ، وإنما بعثت رحمة " - رواه مسلم 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان رحيما في تعامله مع الناس حكيما في توجيههم 
عن أنس رضي الله عنه قال : " بينما نحن في المجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فصاح به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : مَه مَه ( أي اترك ( !!.قال النبي عليه الصلاة و السلام : لا تُزرموه، (لا تقطعوا بوله(. 
فترك الصحابة الأعرابي يقضي بَوله ، ثم دعاه الرسول صلى الله عليه و سلم و قال له: 
" إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنَّما هي لِذِكر الله والصلاة و قراءة القرآن " ، ثم قال لأصحابه صلى الله عليه و سلم : " إنَّما بُعِثتم مُبَشِرين ، ولم تُبعَثوا معسرين، صُبّوا عليه دلواً من الماء ". 
عندها قال الأعرابي : "اللهم ارحمني ومحمداً ، ولا ترحم معنا أحداً ". 
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : "لقد تحجَّرتَ واسعاً"، (أي ضَيَّقتَ واسعاً)، متفق عليه. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يجيب دعوتهم دعوة الحر والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر. عن أنس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب - رواه الترمذي . 
الإهالة السنخة : أي الدهن الجامد المتغير الريح من طوال المكث. 

وقال صلى الله عليه وسلم (لو أُهدي إليَّ كراعٌ لقبلتُ ولو دُعيت عليه لأجبت) رواه الترمذي . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يقضي حوائج الناس : عن ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته) رواه النسائي والحاكم.

- محمد صلى الله عليه وسلم يأتيه الصغير، فيأخذ بيده يريد أن يحدثه في أمر، فيذهب معه حيث شاء. 

- محمد صلى الله عليه وسلم وقاره عجب ، لا يضحك إلا تبسما ، ولا يتكلم إلا عند الحاجة ، بكلام يعد يحوي جوامع الكلم ، حسن السمت. 

- محمد صلى الله عليه وسلم لا يحب النميمة ويقول لأصحابه : " لا يبلغني أحد عن أحد شيئا ، إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر". 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقا ، قال أنس : "خدمت رسول الله عشر سنين ، والله ما قال لي: أف قط ولا لشيء فعلته : لم فعلت كذا ؟، وهلا فعلت كذا؟". مسلم 

محمد صلى الله عليه وسلم لا يقابل أحدا بشيء يكرهه ، وإنما يقول: (ما بال أقوام ) 

- محمد صلى الله عليه وسلم لا يغضب ولا ينتقم لنفسه ، إلا إذا انتهكت حرمات الله تعالى ، فينتقم لله. 

* محمد صلى الله عليه وسلم دخل في فتح مكة إلى الحرم خاشعا مستكينا ، ذقنه يكاد يمس ظهر راحلته من الذلة لله تعالى والشكر له.. لم يدخل متكبرا، متجبرا، مفتخرا، شامتا. 

* محمد صلى الله عليه وسلم وقف أمامه رجل وهو يطوف بالبيت ، فأخذته رعدة ، وهو يظنه كملك من ملوك الأرض ، فقال له رسول الله : " هون عليك ، فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة ". 

* محمد صلى الله عليه وسلم يمر الشهر وليس له طعام إلا التمر.. يتلوى من الجوع ما يجد ما يملأ بطنه ، فما شبع ثلاثة أيام تباعا من خبز بر حتى فارق الدنيا . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان رحيما بأمته. 
- محمد صلى الله عليه وسلم أعطاه الله دعوة مستجابة ، فادخرها لأمته يوم القيامة شفاعة ، قال : ( لكل نبي دعوة مستجابة ، فتعجل كل نبي دعوته ، وإني أختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا ) [البخاري] ؛ ولذا قال تعالى عنه : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يمر عليه الشهران والثلاثة ولا يوقد في بيته نار 
عن عروة رضي الله عنه قال : عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تقول : والله يا ابن أختي كنا لننظر إلى الهلال ثم الهـلال ثـلاثة أهلة في شهرين ما أوقـد في أبيـات رسـول الله صلى الله عليه وسلم نار، قلت: يا خالة فما كان عيشكم؟ قالت : الأسودان ـ التمر والماء ـ) متفق عليه. 

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً، وكان أكثر خبزهم الشعير) رواه الترمذي وابن ماجه. 

- محمد صلى الله عليه وسلم ما عاب شيئا قط. 

- محمد صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاما قط ؛ إن اشتهاه أكله وإلا تركه. 

- محمد صلى الله عليه وسلم يبدأ من لقيه بالسلام. 

- محمد صلى الله عليه وسلم يجالس الفقراء. 

- محمد صلى الله عليه وسلم يجلس حيث انتهى به المجلس. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس 

- محمد صلى الله عليه وسلم أشجع الناس 

- محمد صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها. 

- محمد صلى الله عليه وسلم ما سئل شيئا فقال: "لا" . 

- محمد صلى الله عليه وسلم يحلم على الجاهل ، ويصبر على الأذى. 

- محمد صلى الله عليه وسلم يتبسم في وجه محدثه، ويأخذ بيده ، ولا ينزعها قبله. 

- محمد صلى الله عليه وسلم يقبل على من يحدثه ، حتى يظن أنه أحب الناس إليه.

- محمد صلى الله عليه وسلم ما أراد احد أن يسره بحديث ، إلا واستمع إليه بإنصات. 

- محمد صلى الله عليه وسلم يكره أن يقوم له أحد ، كما ينهى عن الغلو في مدحه.

- محمد صلى الله عليه وسلم إذا كره شيئا عرف ذلك في وجهه. 

- محمد صلى الله عليه وسلم ما ضرب بيمينه قط إلا في سبيل الله. 

- محمد صلى الله عليه وسلم لا تأخذه النشوة والكبر عن النصر. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان زاهدا في الدنيا. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يبغض الكذب. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان أحب العمل إليه ما دوم عليه وإن قل 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان أخف الناس صلاة على الناس وأطول الناس صلاة لنفسه 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء أمرا أسره يخر ساجداً شكرا لله تعالى. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يحب قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدا بنفسه . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا الله لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا استيقظ بدأ بالسواك . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاثة أصابع ويلعق يده قبل أن يمسحها . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن ما استطاع في طهوره وتنعله وترجله وفي شأنه كله. 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى في كل وقت . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله . 

- محمد صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس . 

- محمد صلى الله عليه وسلم يضطجع على الحصير، ويرضى باليسير، وسادته من أدم حشوها ليف. 

- محمد صلى الله عليه وسلم على الرغم من حُسن خلقه كان يدعو الله بأن يحسّن أخلاقه ويتعوذ من سوء الأخلاق عليه الصلاة والسلام . 

عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن خلقي " - رواه أحمد ورواته ثقات. 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول " اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق " - رواه أبو داود والنسائي 

وختاماً : 

قال تعالى : (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً *ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً ) [سورة النساء:69-70]. 

وقال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً)[سورة الأحزاب:21[. 

فالمؤمن الحق هو المتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم والمستن بسنته وهديه . 

قال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)). 

قال عليه الصلاة والسلام: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن؛ وإن الله يبغض الفاحش البذيء)). 

وقال صلى الله عليه وسلم : ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وخياركم خياركم لأهله)). 

ومن ها هنا نعلم اضطرارنا فوق كل ضرورة إلى معرفة نبينا صلى الله عليه وسلم لتقوى محبتنا له ، فإذا ما أحببناه اقتدينا بهديه وتأدبنا بآدابه وتعاليمه ، فبمتابعته يتميز أهل الهدى من أهل الضلال. 

أخي المسلم وبعد هذا أسالك سؤالا فأقول هل تحب نبيك صلى الله عليه وسلم ؟؟؟ 

هل تريد نصرته ؟؟ 

فلماذا لا تهتدي بهديه وتستن بسنته وتطيعه ولا تعصيه حتى تكون من أهل سنته؟؟؟

نسأل المولى عز وجل أن يرزقنا حسن متابعته صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأن ينفعنا بهديه ، لنفوز بشفاعته ومحبته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة وأن يعيننا على خدمة السُنَّة النبوية المُطَهَّرة وأن يجمعنا وإياكم تحت لواء المصطفى صلى الله عليه وسلم. 

اللهم اجعل حبك وحب رسولك أحب إلينا من أنفسنا وأبنائنا ومن الماء البارد على الظمأ ، اللهم ارزقنا شفاعة نبيك محمد وأوردنا حوضه ، وارزقنا مرافقته في الجنة ، اللهم صلى وسلم وبارك أطيب وأزكى صلاة وسلام وبركة على رسولك وخليلك محمد وعلى آله وصحبه. 

وصلى الله على نبينا وحبينا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 


المصدر: موقع طريق الجنة http://www.aljannahway.com 

التربية على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم

0 التعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومَن والاه.
أما بعد:
فإن من فضل الله - عز وجل - على هذه الأمّة أن جعلَها آخر الأمم وأفضلَها؛ كما جاء في الحديث: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة))[1]، وجعل نبيَّها أفضل الرسل والأنبياء وخاتَمَهم، وجعل حبَّه - صلى الله عليه وسلم - دينًا ندين الله - عز وجل - به، ونتقرَّب به إليه.


وفي هذا المقال سيكون حديثُنا عن كيفية تنشئةِ النفس وتربيتِها على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن وسائل التربية على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -:


 أن يعلم كلُّ مسلمٍ أنه لن يدخل الجنةَ إلا عن طريق اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تُقبَل منه عبادةٌ إلا إذا كانتْ موافقةً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا، أو شارحًا، أو مفصلًا؛ كما قال ربنا - جل وعلا -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]، واتِّباع سنتِه يكون بالاقتداء بهَدْيِه وسَمْتِه وما ثبت عنه.

قال شيخ الإسلام: 

"وقاعدتنا في هذا الباب أصحُّ القواعد؛ إن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانتْ مأثورة أثرًا يصحُّ التمسك به، لم يكره شيء من ذلك، بل يشرع ذلك كله"[2].

وقال: "وهو أن ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنواع متنوعة، وإن قيل: إن بعض تلك الأنواع أفضل؛ فالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة أفضلُ من لزوم أحد الأمرين، وهجر الآخر… إلخ"[3].

 من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - معرفةُ قدرِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند ربه - عز وجل -:

إنَّ شأنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الله لعظيمٌ، وإن قدرَه لكريمٌ؛ فلقد اختاره الله - تعالى - واصطفاه على جميع البشر، وفضَّله على جميع الأنبياء والمرسلين، وشرح له صدره، ورفع له ذكرَه، ووضع عنه وِزْرَه، وأعلى له قدرَه.

وزكَّاه في كل شيء: 
زكَّاه في عقله، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2].
وزكَّاه في صدقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3].
وزكَّاه في بصره، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17].
وزكَّاه في فؤاده، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11].
وزكَّاه في صدره، فقال - سبحانه -: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1].
وزكَّاه في ذِكْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4].
وزكَّاه في طُهْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ﴾ [الشرح: 2].
وزكَّاه في حلمه، فقال - سبحانه -: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
وزكَّاه في علمه، فقال - سبحانه -: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5].
وزكَّاه في خُلُقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

ثم أخبر عن منزلته في الملأ الأعلى عند رب العالمين، وعند الملائكة المقرَّبين، فقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾ [الأحزاب: 56]، ثم أمر أهلَ الأرض من المؤمنين بالصلاةِ والسلام عليه؛ ليجتمع له الثناءُ من أهل السماء وأهل الأرض، فقال - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَثَلي ومَثَل الأنبياءِ قبلي كمَثَل رجلٍ بَنَى بنيانًا فأحسنَه وأَجْمَله، إلا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياه، فجعل الناسُ يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاَّ وُضِعتْ هذه اللَّبِنة! قال: ((فأنا اللَّبِنة، وأنا خاتم النبيين)) [4].

 من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - تذكُّرُ رحمتِه ورأفتِه على أمته؛ فالنفس مفطورة على حبِّ مَن أحبها، ومَن أحسن إليها، فمن ذلك ما جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ يومًا قولَ الله في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وقرأ قولَ الله في عيسى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]؛ فبكى - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله إليه جبريلَ - عليه السلام - وقال: ((يا جبريل، سَلْ محمدًا ما الذى يُبْكيك؟)) - وهو أعلم - فنزل جبريل، وقال: ما يُبْكِيك يا رسول الله؟ قال: ((أمتي .. أمتي يا جبريل))، فصَعِد جبريل إلى المَلِك الجليل، وقال: يبكى على أمتِه، والله أعلم، فقال لجبريل: ((انزل إلى محمدٍ، وقل له: إنا سنُرضِيك فى أمتِك))[5].

جاء عند مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختَبِئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة))[6].

وجاء عند البخاري أن رجلاً أصاب من امرأةٍ قُبْلة، فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأنزل الله:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل : يا رسول الله، أَلِي هذا؟ قال: ((لجميع أمتي كلِّهم)) [7].

 ومن وسائل تربية النفس على حب النبي - صلى الله عليه وسلم - تذكُّر شفاعتِه لأمته يوم القيامة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يجمع الله الناسَ يوم القيامة فيهتمُّون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربِّنا حتى يُرِيحَنا من مكاننا هذا، قال: فيأتون آدم - عليه السلام - فيقولون: أنتَ آدمُ أبو الخلق، خلقَك الله بيدِه، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفعْ لنا عند ربِّك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لستُ هُنَاكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتوا نوحًا أولَ رسولٍ بعثه الله، فيأتون نوحًا - عليه السلام - فيقول: لستُ هُنَاكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتُوا إبراهيم - عليه السلام - الذي اتَّخذه الله خليلًا، فيأتون إبراهيم - عليه السلام - فيقول: لستُ هُنَاكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتُوا موسى - عليه السلام - الذي كلَّمه الله، وأعطاه التوراة، فيأتون موسى - عليه السلام - فيقول: لستُ هُنَاكم، ويذكر خطيئته التي أصاب فيَسْتَحْيِي ربَّه منها، ولكن ائتُوا عيسى روحَ الله وكلمتَه، فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول: لستُ هُنَاكم، ولكن ائتُوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عبدًا قد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فيأتوني، فأستأذنُ على ربِّي، فيُؤذَن لِي، فإذا أنا رأيتُه، وقعتُ ساجدًا فيَدَعُنِي ما شاء الله، فيقال: يا محمد، ارفعْ رأسَك، قُلْ تُسْمَع، سَلْ تُعْطَه، اشفعْ تشفَّعْ، فأرفعُ رأسي فأحمدُ ربِّي بتحميدٍ يعلِّمُنيه ربي، ثم أشفعُ فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُخرِجهم من النار، وأُدخِلهم الجنة، ثم أَعُود فأَقَع ساجدًا، فيَدَعُنِي ما شاء الله أن يَدَعَنِي، ثم يقال: ارفعْ رأسَك يا محمدُ، قُلْ تُسْمَع، سَلْ تُعْطَه، اشفعْ تشفَّعْ، فأرفعُ رأسي فأحمدُ ربي بتحميدٍ يعلِّمُنيه، ثم أشفعُ فيَحُدُّ لي حدًّا فأُخرِجهم من النار، وأُدخِلهم الجنة، قال – الرواي -: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال: فأقول: يا ربِّ ما بَقِي في النارِ إلا مَن حبسه القرآن))؛ أي: وَجَب عليه الخلود [8].

فالشفاعة العظمى يوم القيامة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشفاعة لعُصَاة أمتِه - صلى الله عليه وسلم - كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي))[9] .

وشفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تُنَال بأسباب؛ منها:

 الإخلاص في قول كلمة التوحيد، وذلك عن طريق تحقيق التوحيد لله - عز وجل - وعدم الإشراك به؛ فقد جاء من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((أسعدُ الناس بشفاعتي مَن قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه)) [10].

• الترديد مع الأذان وقول الدعاء الوارد؛ لحديث جابر مرفوعًا: ((إذا سَمِعتُم النداءَ، فقولوا مثلَ ما يقول ثم صلُّوا عليَّ؛ فإنه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سَلُوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فمَن سأل لي الوسيلة حلَّتْ له الشفاعة))[11].

 كثرة صلاة النافلة؛ فقد جاء في حديث ربيعة بن كعب قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سَلْنِي أُعْطِك))، قلتُ: يا رسول الله، أنظرني أنظر في أمري، قال: ((فانظرْ في أمرك))، قال: فنظرت، فقلت: إن أمر الدنيا ينقطعُ فلا أرى شيئًا خيرًا من شيء آخذه لنفسي لآخرتي، فدخلتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ما حاجتُك؟))، فقلت: يا رسول الله؛ اشفعْ لي إلى ربِّك - عز وجل - فليعتقني من النار، فقال: ((مَن أمرك بهذا؟))، فقلتُ: لا والله يا رسول الله، ما أمرني به أحدٌ، ولكني نظرتُ في آمري فرأيتُ أن الدنيا زائلةٌ من أهلها، فأحببتُ أن آخذ لآخرتي، قال: ((فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجود))[12].

 الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - عشرًا في الصباح والمساء، عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن صلَّى على حين يُصبِح عشرًا، وحين يمسي عشرًا؛ أدركتْه شفاعتي يوم القيامة))[13].

 ومن وسائل تربية الناشئة على حبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - معرفةُ سيرتِه، وبيان هَدْيِه، وخُلُقه، وفضله، وما اشتملتْ عليه هذه النفس من رحمةٍ ورأفةٍ للمؤمنين.

كان الزهري - رحمه الله - يقول:
 في علم المغازي علم الآخرة والدنيا [14].

وقد بلغ من حرصِهم على تعليم أولادهم سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسراياه، أنهم جعلوها قرينةَ القرآن الكريم من حيث الأولوية، يقول زين العابدين علي بن الحسين - رضي الله عنه -:
 كنا نُعلّم مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسراياه كما نعلّم السورة من القرآن [15].

وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عن الجميع - قال :
كان أبِي يعلِّمنا المغازي ويعدُّها علينا، ويقول : يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيِّعوا ذكرها"[16].

فنجد مما سبقَ محطاتٍ نتزوَّد بها لحياةٍ مليئةٍ بحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما عاشها الصحابة والسلف الصالح - رضوان الله تعالى عليهم - فعن عبدة بنت خالد بن معدان قالت: ما كان خالد يأوي إلى فراشٍ إلا و هو يَذكُر من شوقِه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار يسمِّيهم، ويقول : هم أَصْلِي وفصلي، وإليهم يحنُّ قلبي، طال شوقي إليهم، فعجِّل ربي قبضي إليك حتى يغلبه النوم.

وقال إسحاق التجيبي: 

كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرَّتْ جلودهم، وبكوا، وقال مالك - وقد سئل عن أيوب السختياني -: ما حدثتُكم عن أحدٍ إلا وأيوب أفضلُ منه، وقال : وحجَّ حجتين فكنت أرمقه، ولا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكى حتى أرحمه.

وقال مصعب بن عبدالله:

كان مالكٌ إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - يتغيَّر لونُه، وينحنِي حتى يصعب ذلك على جلسائه، فقيل له يومًا في ذلك، فقال: لو رأيتُم ما رأيتُ لَمَا أنكرتُم عليَّ ما ترون، ولقد كنتُ أرى محمد بن المُنْكَدِر - وكان سيد القراء - لا نكاد نسألُه عن حديثٍ أبدًا إلا يبكي حتى نرحمه.

وقال ثابت البناني لأنس بن مالك - رضي الله عنه -: 
أعطني عينيك التي رأيتَ بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبِّلَها.

وعن جُبَير بن نفير عن أبيه قال:

جلسنا إلى المِقْدَاد بن الأسود يومًا فمرَّ به رجلٌ، فقال: طوبَى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لوَدِدْنا أنَّا رأينا ما رأيتَ وشَهِدنا ما شهدت.

اللهم اجعلنا من صالحي أمته، واحشُرْنا يوم القيامة في زُمْرَته، سبحانك ربِّك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

وكتبه:
همام بن عبدالرحمن الحارثي
2/2/1434هـ
dr.harthin@gmail.com
Twitter: @hah989
---------------------------------
[1]. رواه البخاري 3486.
[2]. الفتاوى (24/242).
[3]. الفتاوى (22/337).
[4]. رواه البخاري 3535 ، مسلم 2286.
[5]. رواه مسلم 202.
[6]. رواه البخاري 6304.
[7]. رواه البخاري 526.
[8]. رواه مسلم 193.
[9]. رواه الترمذي 2435 وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
[10]. رواه البخاري 6570 .
[11]. رواه مسلم 384 .
[12]. حسنه الألباني في الإرواء 2/208
[13]. صحيح الجامع 6375، وقد تراجع الشيخ الألباني، وضعفه في الضعيفة رقم 5788.
[14]. الجامع لأخلاق الراوي 2/195.
[15]. المصدر السابق.
[16]. المصدر السابق.

الرسول محمد صلى الله عليه و سلم

0 التعليقات


هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب
 خاتم النبيين والمرسلين واشرف الخلق اجمعين
 ولد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة ما يوافق سنة 570 أو 571 ميلاديًا
و52 ق هـ
ولد يتيم الأب وفقد أمه في سنّ مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع،
 وكان في تلك الفترة يعمل بالرعي ثم بالتجارة.
تزوج في سنِّ الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل أولاده باستثناء إبراهيم
 كُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًا لثلاث سنوات، قضى بعدهنّ عشر سنوات أُخَر في مكة مجاهرًا بدعوة أهلها وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم.
 هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622م وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله، فعاش فيها عشر سنين أُخر داعيًا إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقًا وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية،

وفاته ———–
توفاه الله ضحى يوم الإثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، الموافق 8 يونيو سنة 632م وقد تّم له 63 سنة

 معجزاته ———– 
لا تعد ولاتحصى كانشقاق القمر والاسراء والمعراج ولكن المعجزة الباقية والخالده هى القران الكريم 

اولاده ———
 كان له من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته خديجة إلا إبراهيم فهو من مارية، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده. وأولاده البنين هم:
 القاسم (وبه يُكنّى، توفي وعمره عامان) وعبد الله (الطّيّب الطاهر) وإبراهيم (عاش في المدينة سنة ونصف)،
وأما البنات فهنّ: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. أما زينب فقد تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع قبل الهجرة، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب بين بدر وأحد،
وليس في بناته من كانت لها ذرية إلا ما كان من ذرية فاطمة، فكان لها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم .

حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه

0 التعليقات

(6) جده عبد المطلب :

عاد صغير الآلام إلى الجد العطوف ، الذي رق له رقة شديدة ، فكان لا يدعه وحيدا ، بل جعله مقدما على أولاده وبنيه .
إن لعبد المطلب فراشا لا يجلس عليه غيره إجلالا له واحتراما ، فكان محمد الصغير هو الوحيد المصرح له بالجلوس ، فيأتي الأولاد والأبناء ليُبعدوه ، فيقول الجد :
" دعوه ، والله إن لهذا شأنا " !!!

وتمر الأيام ويبلغ الصغير ثمان سنين ، ليكون على موعد جديد مع الآلام ،
فها هو عبد المطلب يوارى الثرى ، لتكون وصيته الأخيرة ، أن يكون الصغير عند :

(7) عمه أبا طالب :
فنهض باليتيم على أكمل وجه ، وضمّه إلى بنيه وقدمه عليهم ، واختصه بمزيد احترام وتقدير .
وتمر الأيام ... ويأتي على قريش سنون عجاف ، أجدبت لها الأرض ، وكاد يهلك بها القوم ، فبات الناس في شظف من العيش ، فما كان من قريش إلا أن طلبوا من سيدهم أبا طالب أن يستسقي لهم ، فكان :

(8) أبيض يُستسقى الغمام بوجهه :

خرج أبو طالب يستسقي ، والسماء ما فيها من قزعة !! ومعه الغلام الصغير –صلى الله عليه وسلم- وبنيه ، فأخذ أبو طالب الغلام اليتيم الصغير - وهو يتذكر كلمات عبد المطلب : ( والله إن لهذا شأنا ) !! – فألصق ظهره بالكعبة واستسقى .
فأقبل السحاب من كل جانب ، وانفجرت السماء بماء منهمر ، فقال أبو طالب :
وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه --- ثِمالُ اليتامى عصمة للأرامل 

وتمر الأيام ... ويبلغ النبي الكريم اثنتي عشرة سنة ، وفي صيف حار تحركت ركائب قريش نحو الشام ، فكانت قصة :

(9) بُحيرى الراهب :

فارتحل أبو طالب بقومه ومعه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فلما وصلوا إلى بُصرى نزل القوم للراحة ، فخرج إليهم بحيرى ولم تكن من عادته الخروج إليهم ، فتخللهم حتى جاء إلى الفتى الصغير وأخذ بيده وقال :
هذا سيد العالمين !! هذا رسول رب العالمين !! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين !! .
فقال أبو طالب وأشياخ قريش : وما علمك بذلك ؟
فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خرّ ساجدا ، ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، وإنّا نجده في كتبنا " .
ثم سأل أبا طالب ألا يذهب به إلى الشام خوفا عليه من الروم واليهود ، فرده أبو طالب بغلمان معه إلى مكة .

وتمر الأيام ... وقد شبّ النبي الكريم ، ولم يكن له عمل معين في أول شبابه . ولكن جاءت الروايات وتوالت بأن مهنته كانت :

(10) رعي الغنم :

لقد كان يسير طوال نهاره خلف الغنم ، فرعاها في بني سعد ابتداءً ، ثم في مكة على قراريط لأهلها .
إن مهنة كهذه يُشترط لها أمانة مع طول نفس ، ولذا : ( ما من نبي إلا وقد رعى الغنم ) ، ولعل ذلك – والله أعلم - : لأن صورة القطيع شبيهة بسير سواد الأمم ، والراعي قائد يتطلب عليه أن يبحث عن الأماكن الخصبة والآمنة ، كما يتطلب ذلك حماية وحراسة لما قد يعترض قافلة السير .
وهذه المهنة فيها ما فيها من قسوة ومتابعة ، إلا أنها تُثمر قلبا عطوفا رقيقا ، وواقع حال رعاة الغنم خير شاهد على ذلك .
وبعيدا عن العمل وهمومه ، وبعيدا عن كدح البحث عن لقمة العيش نقف مع :
....تتمة في الموضوع القادم إن شاء الله

أربعين عاماً من حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه .

0 التعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد :
أربعون عاماً كلها صفاء ونقاء .
أربعون عاماً تكلمت فيها الفطرة ، وتجلت فيها الصفات الحميدة ، وظهرت فيها العناية الربانية ، في إعداد سيد البرية .

أربعون عاماً هُيّأ العظيم فيها لأمر عظيم ، لتكون تلك الأربعين هي بداية التغيير للعالم السفلي من ظلمات الكفر والجهل إلى نور التوحيد والعلم .
أربعون عاماً فيها أفراح وأتراح ، وآمال وآلام { وكان الله عليما حكيما } .
ابتدأت تلك الأربعين بـ :

(1) ولادة يتيمة !!
توفي الوالد قبل الولادة ، بعد سعي في طلب لقمة العيش ، ليكون على موعد مع القدر في أرض يثرب ، مقبورا في أحد مقابرها !!
وأُودع الوالد والزوج الثرى ، لتعاني الوالدة الحنون آلام الوضع ، وآلام الفقد ، وآلام مستقبل طفل تيتم قبل خروجه للدنيا !!
وتأتي ساعة الصفر وتستبشر الدنيا بـ :

(2) ولادة محمد - صلى الله عليه وسلم - :
فيولد سيد المرسلين بشعب بني هاشم ، في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول ، لأول عام من حادثة الفيل ، وقبل هجرته عليه الصلاة والسلام بثلاث وخمسين سنة ، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر إبريل سنة ( 571 م ) ، حسبما ذكره بعض المحققين .
وفي مكان آخر بعيدا عن ذلك البيت الصغير الذي وُلد به ذلك العظيم :
وقف رجل يتأمل السماء والنجوم ، فإذا الأمر مختلف عن العادة ، فالآية قد ظهرت !! 
فما كان منه إلا أن صرخ بقومه :
" يا معشر اليهود !!! "
فاجتمعوا إليه فقال : " طلع نجم أحمد الذي وُلد به في هذه الليلة " .
نعم .. لقد وُلد أحمد ، وها هو بين أحضان أمه ترضعه وتشاركها في ذلك : أم أيمن ، وثويبة مولاة أبي لهب .
وتمر الأيام .... وإذا بالرضيع في :

(3) ديار بني سعد :
فانتقل مع أمه حليمة السعدية لترضعه في مضارب بني سعد بن بكر ، على عادة العرب في التماس المراضع لأولادهم ، لتقوى أجسامهم ، ويتقنوا اللسان العربي من صغرهم .
وفي تلك المضارب نشأ محمد الصغير ..
وبها وقف ومشى على قدميه ..
وبها ضحك ولعب مع أقرانه الصغار ..
فأي براءة وجمال كانت تشع من عيني ذلك الطفل الطاهر !!
فصلوات ربي وسلامه عليه .
وفي تلك المضارب رعى الغنم ، وسار خلفها وقادها مع إخوانه من الرضاع .
وتمر الأيام على رعاة الغنم الصغار ، ويبلغ الصغير أربع سنين ، وبينما هو يلعب مع الغلمان ، إذ به يصرع ويضجع من رجلين عليهما ثياب بيض ، لينطلق المنادي إلى أمه بنداء الرعب والخوف : " لقد قُتل محمد!!! " .
فكان ذلك القتل هو :

(4) شق الصدر :
لقد أضجعه الرجلان ، ثم أخرجا منه علقة سوداء فألقياها ، فانتهت حظوظ الشيطان منه ، ثم غسلا قلبه في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم أعادا قلبه إلى مكانه ، فجاء الصغير إلى القوم وهو منتقع اللون . يقول أنس رضي الله عنه : ( وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره ) .
فلما رأت حليمة ذلك : خافت على الصغير من أن يصيبه شيء ، فاتخذت قرارا بـ :

(5) رده إلى أمه الحنون : 
فرجع الصغير إلى أحضان أمه ترعاه وتحنو عليه ، فكان عندها حتى بلغ ست سنين ، 
لتتحرك عاطفة آمنة وشوقها إلى حيث توفي الزوج ويقطن الأهل ، فعزمت على السفر إلى يثرب ، فتحركت المطايا ، ومكثت شهرا في يثرب ، ليحين بعد ذلك وقت الرجوع ، وفي طريق السفر بين يثرب ومكة : توقفت المطايا في مكان يحمل في طياته ذكرى لا تزال عالقة بذاكرة الحبيب حتى بعد النبوة ، فمرّ يوما على قبر فانتهى إليه وجلس ، وجلس الناس حوله ، فجعل يحرك رأسه كالمخاطب – كما يروي ذلك بريدة رضي الله عنه – ثم بكى بكاء لم يبكه من قبل ، فاستقبله عمر فقال :
يا رسول الله ما يبكيك ؟
فقال : ( هذا قبر آمنة بنت وهب ) !!
لقد توقفت المطايا في مكان يقال له الأبواء ، ليكون الصغير على موعد جديد مع اليتم ، وتؤخذ آمنة منه ، وتوارى بين ناظريه ، لينتقل الطفل باكيا إلى :

(6) جده عبد المطلب :

عاد صغير الآلام إلى الجد العطوف ، الذي رق له رقة شديدة ، فكان لا يدعه وحيدا ، بل جعله مقدما على أولاده وبنيه .
إن لعبد المطلب فراشا لا يجلس عليه غيره إجلالا له واحتراما ، فكان محمد الصغير هو الوحيد المصرح له بالجلوس ، فيأتي الأولاد والأبناء ليُبعدوه ، فيقول الجد :
" دعوه ، والله إن لهذا شأنا " !!!

وتمر الأيام ويبلغ الصغير ثمان سنين ، ليكون على موعد جديد مع الآلام ،
فها هو عبد المطلب يوارى الثرى ، لتكون وصيته الأخيرة ، أن يكون الصغير عند :

(7) عمه أبا طالب :

فنهض باليتيم على أكمل وجه ، وضمّه إلى بنيه وقدمه عليهم ، واختصه بمزيد احترام وتقدير .
وتمر الأيام ... ويأتي على قريش سنون عجاف ، أجدبت لها الأرض ، وكاد يهلك بها القوم ، فبات الناس في شظف من العيش ، فما كان من قريش إلا أن طلبوا من سيدهم أبا طالب أن يستسقي لهم ، فكان :

(8) أبيض يُستسقى الغمام بوجهه :

خرج أبو طالب يستسقي ، والسماء ما فيها من قزعة !! ومعه الغلام الصغير –صلى الله عليه وسلم- وبنيه ، فأخذ أبو طالب الغلام اليتيم الصغير - وهو يتذكر كلمات عبد المطلب : ( والله إن لهذا شأنا ) !! – فألصق ظهره بالكعبة واستسقى .
فأقبل السحاب من كل جانب ، وانفجرت السماء بماء منهمر ، فقال أبو طالب :
وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه --- ثِمالُ اليتامى عصمة للأرامل 

وتمر الأيام ... ويبلغ النبي الكريم اثنتي عشرة سنة ، وفي صيف حار تحركت ركائب قريش نحو الشام ، فكانت قصة :

(9) بُحيرى الراهب :

فارتحل أبو طالب بقومه ومعه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فلما وصلوا إلى بُصرى نزل القوم للراحة ، فخرج إليهم بحيرى ولم تكن من عادته الخروج إليهم ، فتخللهم حتى جاء إلى الفتى الصغير وأخذ بيده وقال :
هذا سيد العالمين !! هذا رسول رب العالمين !! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين !! .
فقال أبو طالب وأشياخ قريش : وما علمك بذلك ؟
فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خرّ ساجدا ، ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، وإنّا نجده في كتبنا " .
ثم سأل أبا طالب ألا يذهب به إلى الشام خوفا عليه من الروم واليهود ، فرده أبو طالب بغلمان معه إلى مكة .

وتمر الأيام ... وقد شبّ النبي الكريم ، ولم يكن له عمل معين في أول شبابه . ولكن جاءت الروايات وتوالت بأن مهنته كانت :

(10) رعي الغنم :

لقد كان يسير طوال نهاره خلف الغنم ، فرعاها في بني سعد ابتداءً ، ثم في مكة على قراريط لأهلها .
إن مهنة كهذه يُشترط لها أمانة مع طول نفس ، ولذا : ( ما من نبي إلا وقد رعى الغنم ) ، ولعل ذلك – والله أعلم - : لأن صورة القطيع شبيهة بسير سواد الأمم ، والراعي قائد يتطلب عليه أن يبحث عن الأماكن الخصبة والآمنة ، كما يتطلب ذلك حماية وحراسة لما قد يعترض قافلة السير .
وهذه المهنة فيها ما فيها من قسوة ومتابعة ، إلا أنها تُثمر قلبا عطوفا رقيقا ، وواقع حال رعاة الغنم خير شاهد على ذلك .
وبعيدا عن العمل وهمومه ، وبعيدا عن كدح البحث عن لقمة العيش نقف مع :

(11) نوازع نفس محمد صلى الله عليه وسلم :

يحدثنا النبي الكريم عن نفسه في تلك الفترة فيقول :
( ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء ، إلا ليلتين ، كلتاهما عصمني الله تعالى منهما ، قلت ليلة لبعض فتيان مكة – ونحن في رعاية غنم أهلنا – فقلت لصاحبي : أبصر لي غنمي حتى أدخل مكة ، فأسمر فيها كما يسمر الفتيان . فقال : بلى .
فدخلت حتى إذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير . فقلت :
ما هذا ؟ فقيل : تزوج فلان فلانة . فجلست أنظر ، وضرب الله على أذني ، فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس . فرجعت إلى صاحبي ، فقال : ما فعلت ؟ فقلت : ما فعلت شيئا ، ثم أخبرته بالذي رأيت . ثم قلت له ليلة أخرى : أبصر لي غنمي حتى أسمر بمكة . ففعل ، فدخلت ، فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة ، فسألت . فقيل : فلان نكح فلانة ، فجلست أنظر ، وضرب الله على أذني ، فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس ، فرجعت إلى صاحبي فقال : ما فعلت ؟ قلت : لا شيء ، ثم أخبرته بالخبر ، فوالله ما هممت ولا عدت بعدها لشيء ، حتى أكرمني اله بنبوته ) .
إنها الرعاية الربانية ، تقف للحيلولة بينه وبين تلك النوازع ، ولذلك جاء في الأثر : 
( أدبني ربي فأحسن تأديبي ) .
وتمر الأيام ... ليبلغ النبي الكريم عشرون عاما ، ليشهد حربا وقعت في شهر حرام ، فتُسمى بـ :

(12) حرب الفِجَار :

وقعت تلك الحرب سوق عكاظ بين قريش ومعهم كنانة وبين قيس عيلان ، فاصطف القوم ووقعت حرب ضروس ، وكان النبي الكريم يجهز النبل للرمي ، وكثُر القتل في الطرفين ، حتى رأى عقلاء القوم أن وضع أوزار الحرب والاصطلاح خير من الملحمة ، فهدموا ما بينهم من العداوة والشر ، وعلى أثر ذلك حصل :

(13) حلف الفضول :

إنه حلف الخير والعدالة ، تداعت إليه قبائل من قريش في ذي القعدة ، وكان اجتماعهم في دار عبد الله بن جدعان التيمي ، فتعاهدوا وتعاقدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه ، وشهد هذا الحلف النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم - ، وقال عنه بعد أن أكرمه الله بالنبوة : ( لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت ) .
ولا عجب في ذلك ، فهو نبي العدالة والرحمة ..
وتمضي الأيام ... ويبلغ النبي الكريم الخامسة والعشرين من عمره ، ليخرج إلى :

(14) تجارة الشام :

وذلك في مال لخديجة بنت خويلد ، بعد أن سمعت بأخبار الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ، وجعلت معه غلام لها يُقال له : ميسرة .
ذهب النبي الكريم إلى الشام ، فما لبث أن رجع إلى مكة ، فرأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تره من قبل ، وحدّثها ميسرة بما رآه من حال الصادق الأمين ، فما كان منها إلا أن سعت ليكون الخبر في أرجاء مكة :

(15) محمد – صلى الله عليه وسلم – زوج لخديجة – رضي الله عنها - !!

وذلك بعد أن تقدم لها سادات قريش ، فكان الإباء عليهم هو الجواب .
ثم لمّا رأت ما رأت بعد تلك التجارة المباركة : عزمت على نية أفصحتها لصديقتها : نفيسة بنت منبه . فقامت بدورها بذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم . فرضي بذلك ، إلا أن والد خديجة حاول عبثا الوقوف أمام هذا الزواج الميمون ، إلا أن حيلة خديجة كانت حَكَمَاً قاضيا في الموضوع ، فما الذي فعلته خديجة ؟
يروي لنا ابن عباس رضي الله عنهما ذلك فيقول :
" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة – وكان أبوها يرغب عن أن يزوجه - ، فصنعت طعاما وشرابا ، فدعت أبوها وزمرا من قريش ، فطعموا وشربوا حتى ثملوا . فقالت خديجة لأبيها : إن محمدا بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه . فزوجها إياه . فخلقته وألبسته حلة – وكذلك كانوا يفعلون بالآباء -، فلما سرى عنه سكره ، نظر فإذا مخلق وعليه حلة ، فقال : ما شأني هذا ؟ قالت خديجة : زوجتني محمد بن عبد الله . قال : أُزوّج يتيم أبي طالب !؟ لا لعمري . فقالت : أما تستحي ؟! تريد أن تسفه نفسك عند قريش ، تخبر الناس أنك كنت سكران !! فلم تزل به حتى رضي " .
ويتزوج الشريف الشريفة ، وتمر الأيام والأعوام على ذلك البيت الهادئ الجميل ، ويُرزق منها بالبنين ، والنبي الكريم يُقري الضيف ، ويعين الملهوف ، وينصر المظلوم ، ويكون في حاجة أهله ..
ويجرف مكة سيل عرم وينحدر إلى البيت فيُصدّع جدرانه حتى أوشك على الوقوع والانهيار ، فاتفقت قبائل قريش على : 

(16) إعادة بناء الكعبة :

وتبني قريش الكعبة بشرط مسبوق : " ألا يدخل في بنائها إلا طيبا ، فلا يدخل فيها مهر بغي ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة لأحد من الناس " .
ويشارك النبي الكريم صاحب الخمس وثلاثين عاما في البناء ، ويحمل الحجارة من الوادي مشاركا قومه في مثل هذا الحدث العظيم .
ويرتفع البناء ، ويعود للبيت جلاله وهيبته ، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود حصل الاختلاف ، وتنازع القوم في شرف وضع الحجر الأسود أربع ليال أو خمس حتى كادت الحال أن تتحول إلى حرب ضروس !! إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد . فارتضى القوم ذلك .
فإذا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب يكون ذلك الداخل . فهتف القوم : أن رضينا بالأمين .
فطلب عليه الصلاة والسلام رداءً فوضع الحجر وسطه ، وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعا بأطراف ذلك الرداء ، وأمرهم أن يرفعوه ، حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه . فرضي القوم بذلك ، وانتهى نزاع كادت دمائه أن تصل إلى الركب !!

وتمر الأيام ... وغربة النبي الكريم تزداد يوما بعد يوم ، فوجوه يعرفها ، وأحوال ينكرها ، كان ذا صمت طويل يزدان بالتأمل والنظر ، لقد كانت تلك الفطرة التي جُُبل عليها تمنعه من أن ينحي لصنم ، أو يهاب وثن .
فاعتزل القوم لما رأى من سفاهة أحلامهم ، وتفاهة عقولهم ، فكان عليه الصلاة والسلام لا يحضر عيدا لوثن ، ولا يشهد احتفالا عند صنم ، ولا يحلف بالاّت ، ولا يتقرب لعزى ، ولا يشرب خمرا ، ولا يأكل مذبوحا على نُصب ، فأبغض ذلك كله . يقول مولاه 
زيد بن حارثة رضي الله عنه : " ... فوالذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنما حتى أكرمه الله بالذي أكرمه وأنزل عليه " .
فكان عليه الصلاة والسلام موحدا على ملة إبراهيم الخليل عليه السلام . 
لقد جمع الصادق الأمين من الأوصاف والشمائل ما جعلت محبته لا تقف عند البشر ، بل تتعداه إلى الحجر والشجر ، يقول عليه الصلاة والسلام بعد أن أكرمه الله بالرسالة : ( إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث ) !! .
فصلوات ربي وسلامه عليه .

وتمر الأيام ... حتى بدأ طور جديد من حياته صلى الله عليه وسلم ، فكان يرى الرؤية ثم لا يلبث حتى يراها واقعا مشهودا أمامه ، فكان ذلك بداية بشرى النبوة والرسالة والاصطفاء ، لتكون البداية الحقيقة في الغار بـ { أقرأ باسم ربك الذي خلق } ، وينادي المنادي في أصقاع المعمورة : إن محمدا قد بُعث !!

فإذا عقارب السنين والأعوام قد دقت الأربعين !!
فصلوات ربي وسلامه عليه ...
تلك الأربعون – لعمر الحق - : عراقة الخلال ، فكيف بما بعد الأربعين ، حين بُعث إلى العالمين !!{ وإنك لعلى خلق عظيم } ..
 
المراجع :
* مسند الإمام أحمد .
* صحيح البخاري .
* صحيح مسلم .
* جامع الترمذي .
* صحيح وضعيف الجامع الصغير للألباني .
* سيرة ابن هشام (1/164) وما بعدها .
* الفصول في سيرة الرسول لابن كثير (83) وما بعدها .
* الكامل في التاريخ لابن الأثير (2/32) وما بعدها .
* مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ عبد الله بن الإمام محمد بن
عبد الوهاب (25) وما بعدها .
* الرحيق المختوم للشيخ صفي الرحمن المباركفوري (71) وما بعدها .
* السيرة النبوية للشيخ محمد الصوياني (1/21) وما بعدها .

جميع الحقوق محفوظة الدعوة الإسلامية © 2014 | ، نقل بدون تصريح ممنوع . Privacy-Policy| أنضم ألى فريق التدوين